أزمة الأفراح… نزيف أموال وتعطيل مصالح العباد

بقلم : خالد القفيدي
الزواج في أصله مودة ورحمة وبداية حياة جديدة، لكنه عند البعض تحوّل إلى ساحة تباهٍ ومظهرية مفرطة. ليلة واحدة تُصرف فيها مبالغ طائلة، وكأن قيمتها في حجم الإسراف لا في المعنى الحقيقي للفرح.
فالمطرب يتقاضى (٣٠٠٠ دينار مقابل ساعة)، و”فستان العروس” يصل إلى (٢٥٠٠ دينار إيجار ثلاث ساعات)، وتزيين الصالة قد يكلف ما يفوق تجهيز منزل كامل، هذا غير حقيبة وساعة وحذاء – أكرمكم الله – تُضاف إلى القائمة، ثم تأتي مصاريف أخرى ما أنزل الله بها من سلطان مثل الكوشات الباهظة، التصوير الفاخر، الهدايا الجانبية، والطعام الزائد الذي يُهدر ويُرمى بلا فائدة.
هذه الأموال لو جُمعت، لكانت كفيلة بشراء سيارة يستفيد منها الزوجان لسنوات طويلة، أو بتأثيث بيت يليق بهما، أو بادخار جزء منها لمستقبل الأبناء. لكن الواقع أن الكثير منها يتبدد في ليلة سرعان ما تُطوى.
ولم يقتصر الأمر على المال والطعام فقط، بل امتد ليشمل القروض والديون التي تثقل كاهل الزوجين وأهاليهم لسنوات بعد الزواج، إضافة إلى انشغال الناس وتعطيل مصالحهم. فكلما كبر حجم الفرح، زادت الدعوات، وضاعت أوقات ثمينة من أعمال وتجارات ودراسة، فقط من أجل حضور مناسبة لا تعني الكثير إلا من باب المجاملة.
إن ما يحدث اليوم ليس فرحًا حقيقيًا بقدر ما هو إهدار للمال، الطعام، الوقت، وضغط نفسي على العروسين والأهل. البساطة والاعتدال ليست مجرد توفير، بل تعبير عن الحكمة والمسؤولية، وتؤمن للزوجين بداية مستقرة وحياة أقل توترًا. فالمظاهر تزول سريعًا، أما ما يبقى فهو البيت المبني على التفاهم، والقدرة على التخطيط للمستقبل، والعيش بكرامة بدون ديون أو ضغوط اجتماعية. الزواج بهذه الروح يعطي الفرحة معناها الحقيقي، ويجعل كل فلس وكل وجبة تُصرف قيمة مضافة، بدل أن تذهب هدراً في ليلة واحدة تُنسى سريعًا.
اترك تعليقاً