1. أخبار عاجلة
  2. الحوار وإشكالياته!

الحوار وإشكالياته!

dr.kuwaiti 0

بقلم: أ.د. أحمد الكويتي

تنامت لدينا مؤخرا سلوكيات غريبة، بثقافة جديدة في الحوار بين الأطراف، بل برز الصريخ العالي! والمقاطعة في أثناء تبادل الحديث! بل ساد عدم إعطاء الفرصة للآخر للتعبير عن الفكرة والرأي ولا الإنصات له! هل هناك مساحة نقاش تمنح لطرف وأخرى لآخر وبتوازن؟ هل هناك صيغة لحوار أمثل يحقق أهدافه؟ .

في ثقافتا وما تربينا عليه من تربية قويمة وفطرة سليمة، أدب الحوار هو مجموعة القيم والأخلاقيات التي ينبغي أن نتحلى بها، ونتدرب عليها في أثناء النقاش تقديرا لأهمية تعاملنا الراقي مع الآخرين، بغض النظر عن اختلاف وجهات نظرهم. فمن المسلم به، والمفترض منه، أن يكون الحوار هو تحقيق أعلى درجات التفاهم والتواصل البناء، حتى نتجنب الوقوع في شجار أو نزاعات قد يعرقل الوصول إلى حقيقة ما أو حل منشود.
لكن هنا نجد جليا تنامي هذه الظاهرة السلوكية، ذلك في ظل غياب ووضوح الغايات المحددة للحوار، سواء كان لحل مشكلة، أو توضيح فكرة، أو اتخاذ قرار. ناهيك عن عدم الإعداد الجيد والتحضير لهذا النقاشات بجمع المعلومات، والأدلة اللازمة لدعم وجهة النظر المطلوبة، ودون تعزيز الاحترام المتبادل بين الأطراف، أو الاستهانة منهم أو التقليل من شأن أفكارهم التي يطرحونها، مع عدم منحهم الإصغاء الكامل والفرصة للتعبير عن رأيهم دون مقاطعة، وفهم ما يقولون بتمعن ودقة واهتمام، والرد بناءً على ما طُرِح فعلاً، وليس بناءً على الافتراضات، مع وجوب الالتزام بالموضوعية، ومناقشة الأفكار والآراء بعيدًا عن الشخصنة، مع التركيز على الحقائق والأدلة بدلاً من المشاعر أو المعتقدات الشخصية، مع إبداء المرونة في تقبل وجهات النظر المختلفة، عاملا على إيجاد أرضية مشتركة، واختيار كلمات واضحة ومهذبة ولائقة تعبر عن الأفكار بعينها، مع الابتعاد عن الألفاظ الجارحة أو الاستفزازية التي قد تؤدي إلى توتر الحوار، مع الحفاظ على الهدوء وضبط النفس وعدم الانجرار إلى الغضب أو التعصب، والتركيز على الحوار البناء بدلاً من الانفعال العاطفي.
خلاصة القول، ثقافة الحوار الأمثل ليس مجرد تراشق للكلمات، بل هو عملية تواصل قائمة على الاحترام، التفاهم، باحثا عن حقيقة متوافقة، يراعى فيها السياقات الثقافية والاجتماعية والمقومات الفعالة لبناء علاقات مثلى مع الآخرين، بها تحل الخلافات وتحقق الأهداف المشتركة، والحوارات القائمة على أدب الاختلاف لا الخلاف، فلا حوار من دون وجهات نظر، ولا خلاف يظهر من دون تجاوز يجعل من احتكاك الآراء مدخلاً للتفكير، وبروز الخيوط واتجاهات الرأي، الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
akuwaiti@iau.edu.sa
نقلا عن صحيفة: اليوم

اترك تعليقاً

رجوع إلى الأعلى