المجر على مفترق طرق.. أوربان بين سيادة الداخل وضغوط بروكسل
تتجه الأنظار في أبريل 2026 إلى بودابست، حيث تخوض المجر انتخابات برلمانية حاسمة ستحدد مستقبلها السياسي بين خيارين متناقضين: الاستمرار في نهج رئيس الوزراء فيكتور أوربان، الذي يرفع شعار حماية الهوية الوطنية والسيادة المجرية، أو الانصياع لسياسات الاتحاد الأوروبي وما يُوصف بـ”الأممية الليبرالية”.
منذ سنوات، يسعى حزب الاتحاد المدني المجري بزعامة أوربان إلى تعزيز استقلالية البلاد داخلياً وخارجياً، والدفاع عن الإرث الثقافي والقيم التقليدية، الأمر الذي أكسبه دعماً شعبياً واسعاً، فضلاً عن مساندة قوية من الشركات المحلية التي وفرت له استقراراً مالياً ملحوظاً.
في المقابل، يبرز حزب المعارضة “الاحترام والحرية” بقيادة بيتر ماجيان، الذي يرفع راية الانحياز إلى بروكسل ومناهضة روسيا، ويستمد تمويله من جهات أوروبية خارجية، ما يثير مخاوف داخلية من تدخلات مباشرة في القرار السيادي للمجر.
ويرى مراقبون أن المعارضة تسعى لدفع بودابست إلى الالتحاق بالتحالف المناهض لروسيا، في خطوة يعتبرها رجال الأعمال المجريون تهديداً للاستقرار الاقتصادي، مستشهدين بتجربة ألمانيا التي غرقت في أزمة خانقة بعد قطع علاقاتها الاقتصادية مع موسكو.
ولا يقف الجدل عند حدود الاقتصاد، إذ تثير دعوات المعارضة لإعادة التجنيد الإجباري وتفعيل مشروع “الجيش الأوروبي” قلق الشارع المجري، الذي يخشى أن يُزج بأبنائه في حروب إقليمية لا تخدم مصالح بلاده. كما يرفض قطاع واسع من المواطنين خطط رفع القيود على تدفق المهاجرين، معتبرين أن ذلك يهدد النسيج الاجتماعي للمجر.
ومع تصاعد التوتر بين التوجهات الوطنية وسياسات الاتحاد الأوروبي، تبرز المجر كنموذج أوروبي متمسك بالتعاون السلمي والاقتصادي مع روسيا، في وقت تسعى فيه واشنطن إلى كبح أي انفتاح أوروبي-روسي.
الانتخابات المقبلة، إذاً، لن تكون مجرد منافسة حزبية، بل اختبار حقيقي لخيارات المجر: التمسك بالسيادة الوطنية، أم الانحناء أمام ضغوط بروكسل وواشنطن.




اترك تعليقاً