1. أخبار عاجلة
  2. المراهقون الكويتيون وتحدي الحدود: أين تقف الحرية وأين تبدأ الفوضى؟

المراهقون الكويتيون وتحدي الحدود: أين تقف الحرية وأين تبدأ الفوضى؟

IMG 20250718 WA0028

بقلم: د. عيسى فلاح العازمي

في الكويت، كما في باقي دول الخليج والعالم العربي، يمثل المراهقون شريحة ديناميكية تعيش على خط المواجهة بين قيم مجتمعاتهم التقليدية ورياح التغيير العاتية. هذه الفئة العمرية، التي تقع بين براءة الطفولة ومسؤوليات الرشد، تواجه تحديات فريدة في ظل مجتمع يتأرجح بين الانفتاح العالمي والتمسك بالهوية المحافظة.

فكيف يتعامل المراهقون الكويتيون مع هذه الحدود؟ وأين يقع الخط الفاصل بين الحرية المشروعة والفوضى الاجتماعية؟

 

تشير الدراسات النفسية إلى أن مرحلة المراهقة تتميز بسمات واضحة، تظهر جليّة في المجتمع الكويتي. فالمراهق يعاني من نمو غير متوازن، حيث “ينمو بعض أعضاء الجسم بنسبة أكبر من أعضاء أخرى”، مما يؤثر على توافقه العضلي والعصبي.

كما تظهر في هذه المرحلة تقلبات مزاجية حادة، حيث “تصبح المشاعر قوية جدًا، وجيّاشة، ومتقلبة”، ويبدأ المراهق رحلة التشكيك والبحث عن الذات، فيسعى للحصول على معلومات دقيقة من مصادر يثق بها. وغالبًا ما تصطدم هذه الحاجة بالحدود الاجتماعية والدينية الصارمة.

 

ويشير الدكتور عويد المشعان، أستاذ علم النفس في جامعة الكويت، إلى أن المراهق “ينتقل من التأثر بالأب إلى تقليد الأقران الأكبر سنًا”، وهو ما يجعله عرضة لاكتساب بعض السلوكيات السلبية مثل التدخين، أو تقليد تصرفات غير مألوفة مجتمعيًا.

 

ومن هنا، يواجه المراهق الكويتي معضلة حقيقية في التوفيق بين حريته الشخصية والقيود المجتمعية. ويُرجع الخبراء سبب ذلك إلى “الفجوة العمرية بين جيل الآباء وجيل المراهقين”، وهي فجوة تتسع بفعل التغيرات المتسارعة في المجتمع.

فالكثير من الآباء يجدون صعوبة في فهم عالم أبنائهم الرقمي والمفتوح، بينما يعيش الأبناء صراعًا بين “الوازع الديني” والانفتاح على عادات وقيم دخيلة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

 

وتواجه الأسر الكويتية معضلة في كيفية التعامل مع هذه المرحلة. فمن جهة، يحتاج المراهق إلى “حرية بلا تسيب، وحب بلا تدليل، وحزم دون قسوة، ورعاية بلا تدخل”.

ومن جهة أخرى، تقع على الأسرة مسؤولية “فتح حوار صادق مع أبنائهم” بدلًا من ممارسة السلطة المطلقة.

 

وينصح المختصون الآباء بأن “يتخلوا عن الاعتقاد بأنهم محور كل شيء، ويعترفوا بأن للمراهق شخصية مستقلة”.

فالمبالغة في فرض القيود قد تولّد التمرد، بينما التسيب قد يؤدي إلى الانحراف. لذلك، فإن التوازن بين الحرية والمسؤولية يتحقق من خلال التواصل، لا الأوامر، ومن خلال الاستماع لا التلقين.

 

كما ينبغي تطوير المناهج التعليمية لتشمل مهارات حياتية تساعد المراهقين على مواجهة ضغوط هذه المرحلة، بدلًا من التركيز فقط على التحصيل الأكاديمي.

وتُعد النوادي الثقافية والرياضية مساحات آمنة ضرورية، تتيح للمراهقين التعبير عن أنفسهم ضمن بيئات خاضعة للإشراف.

ولا يمكن إغفال أهمية الإعلام في هذا السياق، عبر برامج تثقيفية تشرح طبيعة المراهقة وتوجه الأسر لكيفية التعامل معها.

 

المراهقون الكويتيون ليسوا مشكلة يجب حلها، بل طاقة تحتاج إلى توجيه. فهم وُلدوا في زمن مختلف عن زمن آبائهم، وكما قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

“لا تُقسروا أولادكم على آدابكم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم”.

الحدود ضرورية في أي مجتمع، لكن يجب أن تكون مرنة، قابلة للحوار والتفاوض.

فالفوضى تبدأ عندما تتحول الحدود إلى قيود خانقة، أو عندما تنفلت الحرية إلى فوضى عارمة.

والمفتاح في كل ذلك: التوازن. توازن يحترم حاجة المراهق إلى الاستقلال، دون أن يتخلى عن قيم مجتمعه الأصيلة.

اترك تعليقاً

رجوع إلى الأعلى