1. مقالات
  2. حيّ محمد ناصر الهاجري “الكويتي” في القدس.. ذاكرةٌ لا تموت

حيّ محمد ناصر الهاجري “الكويتي” في القدس.. ذاكرةٌ لا تموت

68fc6a74 2887 4025 a462 f81731d506b0

بقلم: فهد المجلية العازمي

بين أزقة القدس، وعلى أطراف مطارها القديم، يقف مسجد صغير يحمل اسمًا كبيرًا… “المسجد الكويتي”، وشاهده حيّ يُعرف حتى اليوم بـ “الحي الكويتي”. قد يبدو الاسم عاديًا، لكن خلفه حكاية تختصر معنى العروبة الصادقة، وتفضح هشاشة الاحتلال الذي لا يملك في القدس إلا القوة الغاشمة… بينما نملك نحن الجذور والذاكرة والشرعية.

كويتية النَفَس… فلسطينية الروح

الحي تأسس على يد رجل كويتي واحد، هو المحسن محمد الناصر الهاجري، الذي آمن أن القدس ليست للفلسطينيين وحدهم، بل هي أمانة الأمة كلها. لم ينتظر بيانات ولا قمم، بل شيّد مسجدًا يجاور مدرج المطار، وجعل من وجود الكويت في قلب فلسطين حقيقة معمارية وتاريخية.
ومنذ تلك اللحظة، باتت القدس تعرف أن للكويت بيتًا هناك، حتى وإن غاب الكويتيون عن السكن بسبب الاحتلال، فالأسماء لا تُصادر، والذاكرة لا تُمحى.

الاحتلال يخاف من الأسماء

إسرائيل سرقت الأرض، حجبت السماء، وضربت الحجر… لكنها لم تستطع أن تنتزع من ذاكرة الناس اسم “الحي الكويتي”. ظل الاسم يتردّد كجرس إنذار يذكّر العالم أن فلسطين ليست قضية الفلسطينيين فقط، بل هي امتحان شرف لكل عربي.
ولذلك، فإن كل لوحة تحمل اسم الكويت في القدس، هي في الحقيقة قصف جبهة لإسرائيل، وتذكير بأن الاحتلال مهما حاول “عبرنة” المعالم، ستبقى بصمة العرب أعمق من مؤامراته.

الكويت… الدولة الصغيرة بحجم الأمة

حين يُذكر الحي الكويتي، يتذكر الناس مواقف دولة لم تُقايض القضية الفلسطينية يومًا بمصلحة عابرة، ولم تدخل بازار “التطبيع الرخيص”. الكويت ظلّت، وما زالت، حارس الضمير العربي، صوتًا للحق، وملجأً للفلسطيني في كل محنة.
ولهذا، فإن بقاء اسمها محفورًا على جدار القدس ليس صدفة، بل هو انعكاس لدور أسرة آل الصباح الكريمة، التي جعلت من الدفاع عن العروبة والقدس نهجًا ثابتًا لا يتبدل.

من الكويت إلى قطر… العروبة لا تتجزأ

وفي هذا الظرف الدقيق الذي تمر به قطر الشقيقة، لا يمكن أن نغفل عن وحدة المصير. ما أصاب قطر اليوم هو امتدادٌ لمعركة الأمة كلها. ومن يقف مع القدس يقف مع قطر، ومن يساند فلسطين يساند كل بيت خليجي وعربي.
وإذا كان الحي الكويتي شاهدًا على أن العروبة تُترجم بالأفعال لا بالشعارات، فإن الوقوف مع قطر اليوم هو ترجمة أخرى لذات الروح: أن الأمة لا تُباع، والأخ لا يُترك وحده.

ختامًا…

الحي الكويتي في القدس ليس مجرد حجارة أو مسجد قديم، بل هو شاهد تاريخي على أن يدًا عربية وضعت حجرًا فأربكت إسرائيل حتى اليوم.
هذه الحكاية يجب أن تُروى للأجيال، لا كقصة من الماضي، بل كخطة للمستقبل: أن العروبة حين تُترجم إلى فعل، تصبح أقوى من الاحتلال والجيوش والاتفاقيات.

وإسرائيل تعلم – حتى لو أنكرت – أن كل حيّ عربي يحمل اسمًا كويتيًا، قطريًا، أو مصريًا… هو رصاصة صامتة في قلب مشروعها الاستعماري.

فلتبقى القدس حيّة بأسمائنا، ولتبقى الكويت كما كانت دائمًا… أكبر من حجمها، وأقوى من كل من راهنوا على سقوطها من معادلة الأمة.

اترك تعليقاً

رجوع إلى الأعلى