1. محليات
  2. رمضان والانضباط المدرسي.. هل يمكن تحقيق التوازن؟

رمضان والانضباط المدرسي.. هل يمكن تحقيق التوازن؟

IMG 7430

مع إطلالة شهر رمضان، تتغير أنماط الحياة اليومية، ويجد الطلاب أنفسهم في معادلة صعبة بين الالتزام بالحضور المدرسي ومتطلبات الصيام والسهر. وعلى الرغم من الأجواء الروحانية التي تميز الشهر الفضيل، إلا أن ظاهرة الغياب المدرسي تتفاقم، مما يشكل تحديًا للمنظومة التعليمية التي تسعى للحفاظ على مستوى التحصيل الدراسي دون الإخلال بقيم الانضباط والمسؤولية.

ففي الوقت الذي يعزو البعض هذه الظاهرة إلى الإرهاق والتغيرات في نظام النوم، يرى آخرون أنها نتاج ثقافة مجتمعية تغلب التساهل على الالتزام، خاصة في ظل تأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي تروج لفكرة التغيب على أنه أمر عادي أو مستحب. وبين هذين الاتجاهين، تقف المدارس وأولياء الأمور أمام مسؤولية مشتركة تستوجب البحث عن حلول عملية تضمن حضور الطلاب دون المساس بخصوصية الشهر الكريم.

تحديات الغياب المدرسي في رمضان وسبل معالجته
يعد الغياب غير المبرر للطلاب خلال رمضان أحد التحديات التي تؤثر على سير العملية التعليمية. وترى المراقبة التربوية سمر العماني أن هذه الظاهرة تتطلب تعاونًا بين إدارات المدارس وأولياء الأمور، مشيرةً إلى أن ضعف الرقابة الأسرية وغياب التواصل الفعّال بين المدرسة والأسرة يسهمان في تفشيها. كما أن بعض مجموعات التواصل الاجتماعي تشجع الطلاب على التغيب، مما يعزز المشكلة.

efbf88ae df16 4db7 9f06 7f70c38f1290

وترجع العماني الظاهرة إلى السهر وتغير أنماط النوم، إضافةً إلى اعتماد بعض الطلاب على الدروس الخصوصية كبديل للحضور الصفي. ولمعالجة ذلك، تقترح تقليل مدة الحصص، وتحفيز الطلاب المنتظمين بدرجات إضافية، مع تطبيق اختبارات تجريبية ومفاجئة، وإبلاغ أولياء الأمور فور حدوث الغياب. كما تؤكد أن تعزيز ثقافة الانضباط المدرسي وربط الحضور بالانتقال إلى المراحل الدراسية التالية قد يسهمان في تقليل الظاهرة.

التوازن بين الصيام والحضور المدرسي

ترى المعلمة مناير الحمادي أن رمضان يشكل فرصة لغرس قيم الالتزام والانضباط، لكنه قد يمثل تحديًا للطلاب الذين يعانون من قلة النوم وانخفاض الطاقة. وتشدد على أن الحضور المدرسي لا يقتصر على الجانب الأكاديمي، بل يسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية وتنظيم وقت الطلاب، مما يساعدهم على تحقيق التوازن بين العبادة والتحصيل العلمي.

c068c36a 75d2 4b90 8874 83e80dbc4825

وتؤكد الحمادي أن مسؤولية أولياء الأمور محورية في هذا الجانب، من خلال توجيه أبنائهم لتنظيم أوقات النوم، والحرص على تناول وجبة السحور، وتقديم الدعم النفسي الذي يمكنهم من مواجهة تحديات الشهر الكريم دون التفريط في الحضور المدرسي.

أثر التقويم الدراسي على نسبة الغياب والحلول المقترحة
تشير الناشطة التربوية شروق المطيري إلى أن التقويم الدراسي له دور أساسي في ارتفاع نسب الغياب، حيث تؤدي الإجازات المتقطعة إلى تعزيز ثقافة التغيب قبلها وبعدها. وتوضح أن إعادة تنظيم التقويم بما يضمن توزيعًا متوازنًا للإجازات يمكن أن يقلل من هذه الظاهرة، كما أن تخصيص عطلة للعشر الأواخر قد يكون حلاً مناسبًا لتخفيف الضغط على الطلاب.

وتضيف المطيري أن التخفيف من العبء الدراسي خلال رمضان أمر ضروري، سواء من خلال تقليل عدد الحصص أو إعادة جدولة الاختبارات. كما تشدد على أهمية فتح حوار مستمر بين الوزارة والمجتمع التعليمي لضمان مرونة التقويم الدراسي بما يتناسب مع خصوصية الشهر الفضيل.

رمضان بين الانضباط والتساهل

يرى المعلم مشعان السعيدي أن الغياب في رمضان ليس فقط مشكلة تعليمية، بل هو انعكاس لمزيج من العوامل النفسية والاجتماعية والإدارية. ويوضح أن السهر واضطراب الساعة البيولوجية يؤثران على قدرة الطلاب على الاستيقاظ، كما أن ضعف الانضباط الإداري في بعض المدارس يقلل من دافعية الطلاب للحضور.

5402e998 be36 4994 8178 900b273d2e0b

ولتجاوز هذه الظاهرة، يؤكد السعيدي على ضرورة تعزيز ثقافة الالتزام، وإثراء البيئة المدرسية بالأنشطة التحفيزية، إلى جانب تشديد الرقابة على الغياب والتواصل المستمر مع أولياء الأمور. كما يرى أن تنظيم ورش حول إدارة الوقت يمكن أن يساعد الطلاب على تحقيق التوازن بين الدراسة والعبادات.

ويختم السعيدي بقوله: “رمضان ليس شهر كسل، بل اختبار للالتزام والانضباط، فإما أن نواصل تبرير الغياب، أو نصنع تغييرًا حقيقيًا يعزز قيمة الالتزام في نفوس الأجيال القادمة“.

اترك تعليقاً

رجوع إلى الأعلى