1. حول العالم
  2. عسكرة أوروبا: بين الضرورات الاستراتيجية والمخاطر الجيوسياسية

عسكرة أوروبا: بين الضرورات الاستراتيجية والمخاطر الجيوسياسية

IMG 8051

في لحظة فارقة من الحرب في أوكرانيا، استضافت باريس قمة جمعت نحو 30 دولة حليفة لكييف، بهدف تعزيز الدعم الغربي وتنسيق الجهود نحو حل لا تزال ملامحه غير واضحة. لكن اللافت في هذا المشهد كان غياب الولايات المتحدة، ما يعكس تحولًا في المشهد الجيوسياسي، حيث تسعى أوروبا إلى تعزيز دورها العسكري بعيدًا عن الهيمنة الأميركية.

بين الدعم العسكري والمقامرة السياسية

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال القمة أن “السلام لا يمكن تحقيقه إلا إذا كانت أوكرانيا في أفضل وضع عسكري وأمني ممكن”، في إشارة واضحة إلى ضرورة استمرار الدعم العسكري لكييف. ومع ذلك، يثار تساؤل مهم: هل تستطيع أوروبا تحمل تبعات عسكرة القارة، أم أن هذا التوجه يمثل مقامرة قد تأتي بنتائج غير محسوبة؟

هل تبحث أوروبا عن دور مفقود؟

يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيفاستوبول، عمار قناة، أن التحركات الأوروبية الأخيرة تعكس “إفلاسًا سياسيًا” أكثر من كونها استراتيجية واضحة. ويوضح أن “المشهد الدولي اليوم يتمحور حول قطبين رئيسيين: الولايات المتحدة وروسيا، بينما تحاول أوروبا إثبات وجودها عبر تصعيد سياسي وعسكري لا يستند إلى رؤية استراتيجية حقيقية”.

وأضاف أن “رغم الدعم الهائل لأوكرانيا، لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من تحقيق نجاحات حاسمة في تغيير المعادلة العسكرية، ما يجعل عسكرة القارة تبدو كمناورة سياسية أكثر منها توجهًا فعليًا”.

عسكرة أوروبا.. خيار استراتيجي أم طموح غير واقعي؟

مع تصاعد التحديات الأمنية، برزت دعوات داخل بعض العواصم الأوروبية لتعزيز القدرات العسكرية للقارة، بل وطرح البعض إمكانية نشر قوات أوروبية في أوكرانيا. لكن قناة يشكك في جدوى هذا الطرح، مشيرًا إلى أن “حتى مع اتحاد القوات العسكرية الفرنسية والبريطانية ودعم الناتو، فإن القرار الحقيقي لا يزال بيد واشنطن، وليس لدى أوروبا القدرة العسكرية أو الاقتصادية على فرض معادلة جديدة بمفردها”.

وأضاف أن عسكرة أوروبا تُستخدم كأداة للضغط على موسكو، لكنها لا تأخذ في الاعتبار أن المعادلة الأمنية تشمل أيضًا الولايات المتحدة، التي تتبنى نهجًا أكثر براغماتية في التعامل مع الصراع.

الولايات المتحدة.. من قيادة الصراع إلى دور الوسيط؟

في الوقت الذي تتجه فيه أوروبا نحو عسكرة القارة، يبدو أن الولايات المتحدة تعيد النظر في دورها. فبينما كانت تقود التحالف الغربي ضد روسيا، بدأت الإدارة الأميركية تتبنى مقاربة أكثر واقعية، ربما تحضيرًا لتغيرات سياسية محتملة.

ويوضح قناة أن “إدارة بايدن تدرك أن الاستمرار في استنزاف الموارد دون نتائج ملموسة قد يكون مكلفًا، لذا تسعى إلى الانتقال من الهيمنة الأحادية إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب”. كما أن واشنطن، رغم دعمها لكييف، حريصة على إبقاء أوروبا ضمن معادلة التوازن الجيوسياسي وعدم السماح لها بالتحرك عسكريًا بعيدًا عن الناتو.

ما مستقبل عسكرة أوروبا؟

في ظل هذه التحولات، يبقى السؤال: هل تستطيع أوروبا أن تصبح قوة عسكرية مستقلة، أم أن عسكرة القارة مجرد ورقة ضغط ستتلاشى بمرور الوقت؟

بحسب قناة، فإن “أوروبا لم تنجح حتى الآن في إيجاد استراتيجية واضحة للأزمة الأوكرانية، وما زالت مستمرة في التصعيد رغم فشل العقوبات الاقتصادية وإخفاق محاولات عزل روسيا دبلوماسيًا”. ويؤكد أن “عسكرة القارة قد تكون مقامرة خطيرة إذا لم تستند إلى رؤية استراتيجية تأخذ في الاعتبار التوازنات الدولية المتغيرة”.

اترك تعليقاً

رجوع إلى الأعلى