1. كتاب وربة
  2. علم ولدك إن التهور له ثمن

علم ولدك إن التهور له ثمن

IMG 20250718 WA0028 1

بقلم: د. عيسى فلاح العازمي

كنا جالسين في الديوانية، نتكلم عن تربية الأولاد وكيف نغرس فيهم المسؤولية، فذكر أحد الإخوان قصة واقعية أثّرت فينا كلنا.

قال: “ولدي بالجامعة سنة ثالثة وانتهى دفتر سيارته وتراكمت عليه المخالفات وصلت 1200 دينار، وجاني وقال: يبه أبيك تدفع عني المخالفات، أبي أسافر بالسيارة. قلت له لا. ما دامك ما تحملت المسؤولية، وانا محذرك الف مره من اول مخالفة سرعة وكررتها عليك وقمت تكذب وتقول ماعلي شي وانا مضبوط الحين وانا ابوك أنا ببيع السيارة. وفعلاً، ثاني يوم بعتها، 2000 دينار،وخذيت من قيمتها وسددت جزء من المخالفات، والباقي دخل علينا في مصاريف البيت، لأنها بالأصل سيارة مستعملة، وما كانت لعبة بيدك.”

 

قلت له بعدها: “من اليوم وطالع، إذا بتروح أي مكان، دق على ربعك، خلهم يودونك ويجيبونك او عندك تكسي من إعانتك او امش معانا المزرعة او زوارة مع امك وخواتك. لأنك ما كنت قد المسؤولية، وما تستاهل تقود سيارة بهالأسلوب. مو كل شي تبينا نصلحه لك، لازم تتعلم تدفع ثمن أخطائك بنفسك.”

 

الولد سكت، ويمكن زعل شوي، لكن الأهم إنه حس إن النعمة إذا ما انحفظت، راحت. وغلطه خلته يتربى من موقف، مو من محاضرة.

 

نحن كآباء مو شغلتنا نسهّل كل شي ونغطي على أخطاء عيالنا، لأن اللي يتربى على الاتكالية ما راح يصير رجل بمعنى الكلمة. النبي ﷺ يقول: “كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يعول”، وتضييع الأبناء مو دايم بالإهمال، أحياناً بالدلال الزائد.

 

الله سبحانه يقول: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً}، يعني لازم نكون حكماء في صرف النعمة، ونعلم أولادنا إن كل شيء له حدود وضوابط، وإن الثقة تُكتسب، والعقوبة واردة إذا ضيّعنا الأمانة.

 

نحن في زمن المغريات فيه كثيرة، والانضباط فيه صعب، والتربية فيه تحتاج صبر وحزم. نحبهم، نعم، لكن نحبهم بتربية تقوّيهم، مو تضعفهم. وإذا ما ذاق الولد طعم الخسارة، ما راح يعرف قيمة النعمة.

 

التوصية التربوية والمجتمعية:

على الآباء والمربين أن يربّوا أبناءهم على أن المسؤولية تُؤخذ ولا تُعطى، وأن النعم تُحفظ بالسلوك، لا بالاعتماد على الغير. وأن الخطأ لا يُصلح بالتبرير، بل بالاعتراف والتغيير. ومن المهم أن نتعاون كمجتمع في تصحيح المفاهيم، ونشجّع على التربية الواعية التي توازن بين الرحمة والحزم، فصلاح الأبناء صلاح لمستقبل الوطن كله.

 

ختاماً ان التربية لا تعني أن نكون قساة، لكنها تعني أن نكون واضحين. أولادنا أمانة، ولازم نعلمهم إن الرجولة موقف، والنعمة مسؤولية، والتقصير له عواقب. التربية تبدأ من البيت، وتمتد للمجتمع، والمدرسة، والمسجد والديوانية . ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

اترك تعليقاً

رجوع إلى الأعلى