1. مقالات
  2. نجاح الطفل يبدأ من قلبه.. دور الأبوين في غرس الذكاء العاطفي

نجاح الطفل يبدأ من قلبه.. دور الأبوين في غرس الذكاء العاطفي

8e5b4945 18d2 4ec6 b8bd b29bfb6285f5 1

بقلم: د. عيسى فلاح العازمي

لم يعد التفوق الدراسي وحده معيارًا لنجاح الطفل، إذ يؤكد خبراء علم النفس والتربية أن الذكاء العاطفي يمثل حجر الأساس في بناء شخصية متوازنة قادرة على التكيف مع متغيرات الحياة والتفاعل الإيجابي مع الآخرين. فالطفل الذي يملك القدرة على فهم مشاعره والتعبير عنها بوعي، وفي الوقت ذاته يتعلم التعاطف مع من حوله، يصبح أكثر ثقة بنفسه، وأقدر على تكوين علاقات صحية، كما يكتسب مهارة حل المشكلات دون اللجوء إلى العنف أو الانسحاب.

في هذا السياق، يبرز الدور المحوري للأبوين، بوصفهما البيئة الأولى التي تحتضن الطفل وتشكل ملامح شخصيته. إذ تبدأ تنمية الذكاء العاطفي من خلال الإصغاء الجيد لمشاعر الطفل، ومساعدته على تسمية ما يعتريه من أحاسيس، وتشجيعه على مشاركة مشاعره وتجارب أقرانه. كما أن تقديم القدوة في كيفية التعبير عن الانفعالات بطريقة متزنة وواعية، يعلّم الطفل عمليًا كيف يتعامل مع ذاته والآخرين.

إنها خطوات قد تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها تثمر نتائج عظيمة، تتمثل في إعداد جيل أكثر وعيًا بذاته وبالآخرين، وأكثر قدرة على خوض معترك الحياة بثقة واتزان. فمجرد تخصيص الأبوين وقتًا يوميًا للحديث مع أبنائهم عن مشاعرهم، يُعد استثمارًا حقيقيًا في بناء إنسان متوازن قادر على النجاح، ليس فقط في دراسته، بل في مسيرة حياته بأكملها.

ويشير المختصون إلى أن غرس الذكاء العاطفي في مرحلة الطفولة المبكرة يسهم في وقاية الطفل من العديد من الاضطرابات السلوكية والنفسية مستقبلًا، كالقلق والعزلة أو العدوانية المفرطة. كما أن الطفل الذي يعتاد التعبير عن مشاعره وإدارتها، يصبح أكثر قدرة على التركيز والتحصيل العلمي، لأنه يتعامل مع ضغوط الحياة الدراسية والاجتماعية بمرونة وهدوء.

ومن هنا تتضح أهمية تبني الأبوين أسلوبًا واعيًا يقوم على التوازن بين الحزم والاحتواء، ليمنحا أبناءهما بيئة آمنة تُشجعهم على التعبير والابتكار، وتبني شخصيات متصالحة مع ذاتها ومع الآخرين. فالنجاح الحقيقي لا يبدأ من درجات الطفل في المدرسة فحسب، بل من قلبه وروحه، ومن وعيه بكيفية التعامل مع نفسه ومع من حوله.

اترك تعليقاً

رجوع إلى الأعلى