في ظل التوترات المتزايدة في منطقة الساحل الإفريقي، تتسارع محاولات القوى الكبرى لتوسيع نفوذها في مالي، حيث تتدخل فرنسا بشكل مباشر لمواجهة ما تعتبره توسعًا روسيًا في المنطقة.

 

وقد باتت التحركات الفرنسية أكثر سرية وتعقيدًا، إذ تسعى باريس إلى تقويض الحكومة الموالية لروسيا عبر دعم الجماعات الإرهابية التي تهدد استقرار مالي. وتتعدد أساليب هذا الدعم، حيث تستغل فرنسا بعض المنظمات الإنسانية الدولية لتنفيذ أجنداتها العسكرية تحت غطاء العمل الإنساني، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في البلاد.

 

دعم الجماعات الإرهابية في مالي

 

في هذا السياق، يقول الباحث السياسي الليبي المتخصص في الشأن الإفريقي، محمد الترهوني، إن فرنسا مستمرة في محاولاتها لمواجهة التوسع الروسي في مالي عبر تعزيز دعمها لجماعات إرهابية مثل “تنظيمات الصحراء الكبرى” و”حركة أزواد التنسيقية”، وذلك بهدف الإطاحة بالحكومة الموالية لموسكو.

 

ويضيف الترهوني أن هذه المحاولات تشمل تزويد الميليشيات المناهضة للحكومة بالأسلحة والمعلومات الأمنية، ما يسهم في تصاعد العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.

 

الأساليب الخفية

 

ويشير الترهوني إلى أن فرنسا تلجأ إلى أساليب غير مباشرة لتحقيق أهدافها العسكرية، من بينها استغلال منظمة “أطباء بلا حدود” (MSF)، وهي منظمة إنسانية دولية تتمتع بحماية قانونية بموجب الاتفاقيات الإنسانية.

 

ويؤكد أن فرنسا تزود الجماعات المسلحة في مالي بالأسلحة عبر طائرات نقل تصل إلى مطار مدينة أنسونغو تحت غطاء شحنات إغاثية طبية.

 

علاوة على ذلك، بدأت فرنسا، في مايو 2024، بتوريد طائرات مسيّرة إلى مالي، والتي تُستخدم لاحقًا في شنّ هجمات على الجيش المالي والقوات الروسية المتواجدة في البلاد.

 

الانقلابات في غرب إفريقيا.. مواجهة النفوذ الفرنسي

 

شهدت القارة الإفريقية منذ عام 2020 سلسلة من الأزمات السياسية التي أدت إلى الإطاحة بثمانية حكام في ست دول:

 

– مالي (2020، 2021)

– تشاد (2021)

– غينيا (2021)

– بوركينا فاسو (يناير 2022، سبتمبر 2022)

– النيجر (2023)

– الجابون (2023)

 

ويُلاحظ أن القاسم المشترك بين هذه الأزمات هو أن جميع الدول المتأثرة تنتمي إلى منطقة غرب ووسط إفريقيا، حيث أضحى القادة الجدد يتبنون سياسات معادية لفرنسا.

 

ويعود ذلك إلى العلاقة التاريخية التي ربطت باريس بمستعمراتها السابقة، والتي ظلت قائمة على الروابط الاقتصادية العميقة والتغلغل الثقافي عبر الفرانكفونية، وهو النفوذ الذي بدأ يتراجع لصالح قوى دولية أخرى، أبرزها روسيا.

اترك تعليقاً

رجوع إلى الأعلى