1. مقالات
  2. هوية على حافة الزمن: ‏بين السيادة والتفكك

هوية على حافة الزمن: ‏بين السيادة والتفكك

c3bddd9d 4f3a 4481 83d3 70c78114c52e

 

‏بقلم فهد المجلية العازمي
‏رئيس مجلس إدارة مجموعة وربة نيوز

‏السنة: 2030.
‏في ليلة هادئة تملأها ذكريات الماضي وتوقعات المستقبل، تجلس أم كويتية على كرسيها بجانب النافذة، تتأمل الأفق الذي بدا كأنه يحمل أسئلة بلا أجوبة. السنوات الخمس الماضية تركت آثارها على حياتها وحياة أبنائها، منذ أن طُبّقت المادة الثامنة وسُحبت الجنسية من والدتهم. لم يكن القرار مجرد إجراء قانوني؛ بل كان أشبه برياح عاتية أطاحت بجدران الأمان التي اعتادت عليها الأسرة.

‏حاضر مستقبلي: الكويت 2030 تحت المجهر

‏في هذا العام، أصبحت الكويت دولة تعتز بهويتها الوطنية وتفاخر باستعادة السيادة عبر سحب الجنسيات المزورة. لقد أصبح القانون هو الحاكم الصارم، وأعيدت للبلاد هيبتها التي طالما سعت إلى حمايتها. لكن، خلف هذا الانتصار القانوني، نشأت خسائر خفية؛ مجتمعات صغيرة تفككت وأسر وجدت نفسها في مواجهة مستقبل غامض بلا انتماء واضح.

‏الشوارع التي كانت تمتلئ بأصوات الأطفال الضاحكة أصبحت أكثر هدوءًا.
‏المدارس التي كانت تغني بأهازيج الوطن أصبحت تحتوي على مقاعد فارغة، وكأنّ تلك القرارات أخذت معها أصوات المستقبل.

‏استشراف المستقبل: ماذا بعد 20 عامًا؟

‏بحلول عام 2050، أدركت الكويت حكمة التوازن. لم يعد الحزم الصارم في تطبيق القوانين هو الحل الوحيد، بل أصبح هناك فهم أعمق بأن الأمن الحقيقي ينبع من تحقيق العدالة مع مراعاة البعد الإنساني. القرارات المتسرعة قد تُخلّف جروحًا أعمق من أن تُشفى بسهولة، وتبني أجيالًا تشعر بأنها منبوذة رغم انتمائها لتراب الوطن.

‏العودة إلى 2024: نافذة أمل وإعادة نظر

‏والآن، نعود إلى الزمن الحاضر، حيث تُتاح فرصة ثمينة أمام اللجنة المسؤولة عن تنفيذ المادة الثامنة، وإلى وزير الداخلية الذي نثق بحكمته وحُسن تدبيره. نحن هنا، لا لنعارض، بل لنشارك برؤية استشرافية تتجاوز الحاضر وتصل إلى أفق المستقبل.

‏نخاطب القيادة قائلين: “سمعًا وطاعة”، ولكن لنذكر بأن العدالة تتطلب رؤية شاملة تأخذ في الحسبان الأثر الاجتماعي والنفسي لكل قرار. الكويت بحاجة إلى توازن دقيق يحفظ كرامة الأفراد ويضمن سيادة الدولة في آنٍ واحد.

‏رسالة إلى صانعي القرار: العدل لا يُبنى بالحزم وحده

‏إن الحزم مطلوب، ولكن الرحمة هي ما يجعل المجتمع قويًا. إن تطبيق المادة الثامنة بحكمة يتطلب دراسة كل حالة بعناية فائقة، لتفادي تكرار مشاهد من الماضي القريب، حين أصبح البعض بلا هوية، يبحثون عن وطن يحتضنهم.

‏ختامًا: الكويت في مفترق الطرق

‏قد ننظر في 2030 إلى هذه اللحظة كعلامة فارقة، حيث اختارت الكويت أن تكون نموذجًا للعدالة المتزنة. المستقبل لا يُبنى بالقوانين الصارمة فقط، بل بالإنسانية والرحمة. ستبقى الكويت، كما عهدناها، قوية في سيادتها، رحيمة بأبنائها، ومصدر فخر للأجيال القادمة.

اترك تعليقاً

رجوع إلى الأعلى