لماذا لم يُصلح ترامب الاقتصاد كما وعد

بقلم: الباحث السياسي المقيم في واشنطن عمرو جوهر
عندما عاد دونالد ترامب إلى الساحة السياسية عام ٢٠٢٤ وأعلن فوزه في انتخابات نوفمبر، اعتقد العديد من مؤيديه أنه سيُعالج بسرعة كبيره المشاكل الاقتصادية التي تواجه الولايات المتحدة.
حيث وعد ترامب بـ”استعادة الرخاء” و”إعادة الوظائف”، مُصوّرًا نفسه المرشح الوحيد القادر على إنقاذ الاقتصاد الأمريكي المُتعثر.
ومع ذلك، بعد سبعة أشهر من رئاسته، يتساءل العديد من الأمريكيين: لماذا لم يُصلح ترامب الاقتصاد حتى الآن؟
الإجابة ليست بسيطة، بل تكمن في مزيج من الجمود السياسي، والتحديات العالمية، وتعقيد السياسات، وحدود السلطة الرئاسية، وكذلك عند رجال الأعمال الديمقراطين، وحملتهم حتي ضد ايلون ماسك.
قبل تولي ترامب منصبه في يناير ٢٠٢٥، كان الاقتصاد الأمريكي يُواجه بالفعل رياحًا معاكسة خطيرة، ومؤشرات كارثيه تركتها له ادارة بايدين.
فقد ظل التضخم مرتفعًا بشدة لأكثر من عامين، ورُفعت أسعار الفائدة لمواجهة ارتفاع الأسعار، ووصلت ديون المستهلكين إلى مستويات تاريخية.
أدى تشديد السياسة النقدية الذي اتبعه الاحتياطي الفيدرالي بين عامي 2022 و2024 إلى تباطؤ النمو، وتهدئة سوق الإسكان، وزيادة تكلفة الاقتراض.
علاوة على ذلك، كانت الولايات المتحدة تواجه صدمات اقتصادية سببتها الحروب العالميه ، بما في ذلك الحروب في أوروبا والشرق الأوسط، وسلسلة توريد عالمية متصدعة لا تزال تتعافى من جائحة كوفيد-19.
بعبارة أخرى، ورث ترامب اقتصادًا متضررًا وضعيفًا ولا يمكن لأي رئيس، جمهوري كان أم ديمقراطيًا، إصلاحه في غضون بضعة أشهر فقط.
ومع أن ترامب شخصية مهيمنة في الساحة السياسية، إلا أنه لا يستطيع بمفرده “إصلاح” الاقتصاد، حيث يعتمد جزء كبير من السياسة الاقتصادية على الكونجرس والاحتياطي الفيدرالي وقوى السوق العالمية.
فعلى سبيل المثال، بينما يستطيع ترامب الدفع باتجاه تخفيضات ضريبية أو تحرير أسواق المال، فإنه لا يستطيع خفض أسعار الفائدة بشكل مباشر، فهذه مهمة الاحتياطي الفيدرالي.
وبالمثل، لا يمكنه إجبار الشركات على التوظيف أو الاستثمار بين عشية وضحاها، فالأدوات المتاحة للرئيس محدودة، خاصة على المدى القصير، وخصوصا مع القطاع الخاص.
علاوة على ذلك، واجه ترامب مقاومة من الكونجرس، ولا سيما فيما يتعلق بقضايا الهجرة والميزانية.
وقد قوبل اقتراحه بتخفيضات ضريبية شاملة ورسوم جمركية جديدة بتردد، حتى من بعض الجمهوريين القلقين بشأن العجز والتضخم، وبدون انتصارات تشريعية سريعة، تعثرت أجندة ترامب الاقتصادية.
الظروف الاقتصادية العالمية
ومن العوامل الأخرى التي تُبطئ أهداف ترامب الاقتصادية حالة الاقتصاد العالمي، فأوروبا على حافة الركود، وتباطأ نمو الصين بشكل كبير، ولا تزال أسواق الطاقة متقلبة بسبب الحرب والاضطرابات المناخية، وتؤثر هذه الظروف على الصادرات الأمريكية، وثقة الاستثمار، وأسعار المستهلك.
حتى لو سعى ترامب إلى تطبيق أجندة محلية داعمة للنمو، فإنه لا يستطيع عزل أمريكا عن الصدمات الخارجية.
فسياسته التجارية “أمريكا أولاً”، والتي تشمل الرسوم الجمركية وجهود الانفصال عن الصين، فقد تحمي بعض الصناعات، لكنها قد تزيد من تكاليف أخرى، مما يجعل التعافي أكثر تعقيدًا وأبطأ مما كان متوقعًا.
خلال ولايته ترامب الأولى، نجح ترامب بفضل تغريداته الجريئة، وإقالة مسؤولين، والانخراط في حروب تجارية، على بناء قاعدته الشعبية، إلا أنه أثار قلق وول ستريت والشركات متعددة الجنسيات.
وفي عام ٢٠٢٥، ومع استمرار ارتفاع التضخم وضعف سوق العمل، يتوخى قادة الأعمال الحذر، ينتظر الكثيرون وضوح السياسات على المدى الطويل قبل اتخاذ قرارات استثمارية أو توظيفية كبيرة.
ان إصلاح اقتصاد بقيمة ٢٩ تريليون دولار ليس بالأمر السهل، فربما كان الناخبون متفائلين بأن عودة ترامب ستحقق نتائج فورية، لكن القضايا الاقتصادية الخطيرة، مثل نقص العمالة، والقدرة على تحمل تكاليف السكن، وديون الطلاب، وانكماش قطاع التصنيع ، قد تتخطي طموح ترامب نفسه.
اترك تعليقاً